الشعراء العرب يلتئمون في بيتهم العائلي في الشارقة

غمرت بيت الشعر في الشارقة حالة من البهجة والأخوية الشعرية العميقة مساء أمس الأول في ختام أعمال الدورة الخامسة لملتقى الإمارات للإبداع الخليجي بعد تداول العديد من أوراق العمل ذات الصلة بأدب الطفل، وهو محور الملتقى لهذا العام . وكان الختام ختاماً مسكاً بكل معنى الكلمة في بيت الشعر الذي بدا في حالة أشبه بحالة عرس ثقافي عربي حميم قبل وخلال وبعد الأمسية . . التي قرأ فيها شاعرتان وأربعة شعراء قصائد مشبعة بالغنائية الشعرية واللغة الساحرة .

قرأت خلود المعلا قصائد نثر تنطبق عليها صفة الهمس، وبدت كأنها تعطي برقيات من القلب إلى القلب في قراءة عذبة لم تتجاوز عشر دقائق، وهي المدة التي حددّها مقدّم الأمسية الشاعر محمد البريكي الذي كان هو الآخر ذكياً لمّاحاً في تقديمه لكل شاعر .
وقرأت خلود المعلا:
أَدُورُ
مِثلَ عُصفورِ زينةٍ
تعبُرني النَّهارات
أقِفُ بِمُحاذاةِ التَّمَني
ينْفتِحُ البابُ
وأنا بِلا جَناحَيْن .
وقرأ الزميل الشاعر يوسف أبولوز قصائد من مجموعتيه السابقتين “ضجر الذئب”، و”خط الهزلاج”، كما قرأ من مجموعته الجديدة “زوجة الملح”، وجاءت نصوصه ضمن شعر التفعيلة، وذهب إلى ذاكرة الجد والجدة والعائلة بلغة غنائية تفيض بالحنين .
الشاعرة صالحة غابش قرأت قصائد تفعيلة وقصائد عمودية، وقرأت أيضاً قصيدة نثر بعنوان “زاوية”:
“أهرب إلى زاوية من العالم
أصحب معي أجمل أشيائي
كي لا أكون وحيدة .
في تلك الزاوية . .
أشكل منزلاً صغيراً
لا يسع أحداً سواي . .
أرتب غرفة للكتابة
وغرفة لتناول الشاي مع ظلي
وغرفة أستقبل فيها طيف الصديقات
وغرفة أستكمل فيها
نحت أحلامي المنتظرة
أسترد نفسي من الزاوية . .
كلما ظننت أن حلماً يتجسد لي
ويدق بابي .”
الشاعر العراقي جليل خزعل قرأ قصائد للأطفال ولكن جمهوره من الكبار تفاعلوا مع نصوصه بطفولية دافئة . ومما قرأ خزعل على لسان طفل:
“أُحِبُ أَنْ أَخْتار
مَلابِسِي، أَلْعابِي
أُحِبُّ أَنْ أَخْتار
هِوايَتِي، أصْحابِي
أُحِبُّ أَنْ أَخْتار
مَجَلَتِي، كِتابي
أُحِبُّ أَنْ أَخْتار
أُحِبُّ أَنْ أَخْتار
مِنْ فَضْلِكُم يا أَهْليَ الكِبار
هل تَسْمَحونَ أَنْ أَكُوْنَ صَاحِبَ القَرَار؟”
الشاعر الأردني راشد عيسى تنقل بين التفعيلي والعمودي بقراءات جذبت جمهور الأمسية لكثرة ما في نصوصه من مفارقات إنسانية جاءت في سياق شعري يجنح إلى القصّ أحياناً، ومن شعره:
“أعرف فقر الشعراء
لكن حين يصيبك فرح
كيف تذكّي
قلت له: أبكي
فالدمع زكاة الفقراء”
ختام الأمسية مسك حقيقي مع حبيب الصايغ صاحب التجربة الشعرية الريادية والمتنوّعة والجريئة في آن، هو الذي تنقل بين العمود والتفعيلة وقصيدة النثر بلغة تعود إليه وتنبع منه .
قرأ الصايغ من محطات شعرية في مسيرته الإبداعية الطويلة، ومما قرأ قصيدة غنية بالرؤى والأفكار والدلالات هي قصيدة البطريق ذات الإيقاع الذي جاء على البحر الخفيف .
وقرأ الصايغ أيضاً قصيدة خليجيون، وهي من قصائده القديمة الجديدة .
“ذات يوم، قال الخليج، فقلنا
وكتبنا نجواه في الأحداقِ
مال بحر الخليج نحو الحكايات
جميلاً كرائقٍ رقراقِ
كلما وشوش الخليج ليالينا
انتشى حلمنا من الإزرقاقِ
وصحونا ونحن أحلى قليلاّ
وصحونا كالصحو والإشراق
يومنا مقبل كأن المواعيد
استبدت بوقتنا السبّاقِ
علم شاهق، وقلب قريبٌ
فهما بعض خافق خفاقِ
وهوانا ثرى الخليج ووجدٌ
ساخن كاللقاء أو كالفراقِ
وهوانا صوت من البحر ريانُ
وملآن بالوجوه العتاقِ
وهوانا الهوى، وما بعده محوٌ
وما قبله دم العشاقِ
وإماراتنا خليجيةُ الطبع
خليجية على الإطلاقِ!”


شارك هذا:

admin